كانت هناك مشكلة كبيرة جداً، وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان خائفاً من خيانة المنافقين داخل المدينة المنورة، وكما ذكرنا أن المنافقين يتعاملون مع اليهود، والعلاقة بينهم كانت حميمة من أيام بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، والآن ثبت أنهم يتعاملون مع يهود خيبر، فالرسول عليه الصلاة والسلام لا يريد أن يخرج معه المنافقون في هذا الجيش، فماذا يفعل؟ هو لا يستطيع أن يقف ويقول: المنافق لا يخرج؛ لأن النفاق أمر قلبي، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن أنه لا يخرج إلى قتال أهل خيبر إلا من شهد صلح الحديبية، وبذلك يضمن أن كل من شارك في هذا الفتح سيكون من المؤمنين؛ لأن هذه المجموعة التي شاركت في صلح الحديبية جميعاً مؤمنون كما قال الله عز وجل عنهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18]، فخرج الرسول عليه الصلاة والسلام بألف وأربعمائة مقاتل، وهم الذين كانوا معه في صلح الحديبية.
وكما هو معلوم إذا رأينا الصف المؤمن خالصاً نقياً مؤمناً؛ فإن الله عز وجل يمنحه النصر والتمكين.
فخرج هذا الجيش العظيم بهذه الروح الطيبة المتفائلة، ولنتذكر أن ألف وأربعمائة مقاتل سيحاربون أعداداً ضخمة هائلة؛ لأن أعداد اليهود كانت أضعاف أضعاف الجيش الإسلامي، ومع ذلك كانوا خارجين بتصميم ويقين على أن النصر من عند الله سبحانه وتعالى، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249].
وكما توقع الرسول عليه الصلاة والسلام فقد أرسل المنافقون إلى يهود خيبر يخبرونهم بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، بل وشجعوهم على قتال الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا لهم: لا تخافوا منهم؛ فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون عزل لا سلاح معهم إلا القليل.