هناك فارق ضخم جداً وهائل بين الشورى وبين الديمقراطية، فالشورى في الإسلام تكون في الأمور التي ليس فيها أمر مباشر من رب العالمين سبحانه وتعالى، أو من رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، إذا كان هناك أمر من الله فلا خيرة للمؤمنين، لكن في الديمقراطية أي شيء موضوع للتشاور، أي شيء موضوع لاجتماع الشعب، أي شيء موضوع للأغلبية، حتى وإن أحلت الأغلبية حراماً أو حرمت حلالاً، هذا في عرف الديمقراطية مقبول، أما في عرف الإسلام فغير مقبول، هذا فارق ضخم جداً، نعم، هناك نقط تماس بين الشورى والديمقراطية يرجح رأي الشعب ورأي الأغلبية في القضايا التي ليس فيها أمر مباشر من رب العالمين سبحانه وتعالى، أو من الرسول صلى الله عليه وسلم.
إذاً: الفرق الضخم الهائل أن مرجعيتنا في الشورى إلى الإسلام وإلى الكتاب والسنة، وهذا من أعظم الفوارق بين المنهجين: الشورى، والديمقراطية.
فهذا هو صلح الحديبية وهذه هي البيعة التي قال الله عز وجل في حقها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18]، وهذه البنود التي عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم مع سهيل بن عمرو، وكان من أثرها أن عم الإسلام وانتشر ليس في الجزيرة العربية فقط، بل في عموم بلاد العالم، كما سنرى هذه الأمور بالتفصيل إن شاء الله رب العالمين في الدروس القادمة.
في الدرس القادم إن شاء الله سنتحدث عن موقف الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم من صلح الحديبية، وسنتحدث أيضاً عن بعض المواقف الحساسة جداً التي حدثت مباشرة بعد صلح الحديبية، وكيف تعامل معها الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنتحدث عن آثار صلح الحديبية في مكة المكرمة وفي المدينة المنورة وفي الجزيرة العربية وفي غيرها، وهناك أمور كثيرة أخرى تعلقت بهذا الأمر ونتجت عنه.
ونسأل الله عز وجل أن يفقهنا في سننه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:44].
وجزاكم الله خيراً كثيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.