البند الثالث: من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزء من ذلك الفريق.
فأي عدوان تتعرض له أي قبيلة من القبائل المحالفة يعتبر عدواناً على ذلك الفريق، ويعتبر في نفس الوقت مخالفة واضحة للاتفاقية، فهذا البند في صالح من؟ قريش أعظم قبائل العرب، والذي يحتاج ويريد أن يدخل في عهدها لا ينتظر معاهدة بهذه الصورة، إن أردت فادخل في عهد قريش من الآن، أين المشكلة؟ سيدخل في عهدها مباشرة لقوتها وتاريخها، لكن القبائل التي تريد أن تدخل في عقد وحلف محمد صلى الله عليه وسلم ستتردد ألف مرة؛ خوفاً من بطش قريش وحلفائها، لكن بعد صلح الحديبية من كان في قلبه تردد سيأمن من وضع الحرب، وسينضم إلى فريق المسلمين وهو مطمئن.
إذاً: هذا البند لم تستفد منه قريش مطلقاً؛ لأن قريشاً أي أحد يريد أن يحالفها سيحالفها، بينما استفاد المسلمون من هذا البند استفادة قصوى، فالقبائل ستنضم لهم بعد أن أمنت قريشاً، من أجل هذا كان هذا البند في صالح المسلمين، ودليل هذا أن قبيلة خزاعة لم تنضم في حلف المسلمين إلا بعد صلح الحديبية، مع أن قبيلة خزاعة من أكثر القبائل قرباً إلى رسول صلى الله عليه وسلم حتى إن كتّاب السير يقولون: كانت خزاعة عيبة نصح لرسول صلى الله عليه وسلم، يعني: موضع سر وثقة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما ذكرنا من قبل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرسل عيوناً من خزاعة، ويتحالف مع خزاعة، وكان بينها وبين بني هاشم حلف قديم جداً ومع بني عبد المطلب، ولها تاريخ طويل في هذه القضية، فقبيلة خزاعة التي تحب الرسول صلى الله عليه وسلم لم تدخل في حلفه إلا بعد صلح الحديبية، فما بالك ببقية القبائل؟ إذاً: هذا البند فعلاً كان في صالح المسلمين، وهذا البند بالذات هو الذي سيكون سبباً بعد هذا في فتح مكة المكرمة، فأي خير جاء من ورائه.