كانت الأرض على اتساعها قبل البعثة النبوية تعيش الانهيار الشديد في الأخلاق والقيم والعادات والعلاقات والعقيدة، ظلمات بعضها فوق بعض، من هنا ندرك فعلاً قيمة النور الذي أنزله الله عز وجل على الأرض ببعثة الرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، {قدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:15 - 16].
كان من الواضح أن الأرض تحتاج في هذا التوقيت إلى الإسلام، إلى وحي السماء، إلى الهداية إلى الطريق المستقيم، في زمان تشعبت فيه طرق الضلال حتى استحال حصرها، كان ذلك منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، فماذا عن حالنا الآن، هل الأرض تحتاج إلى الإسلام كما كانت تحتاج إليه قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل حال الأمم المختلفة في الأرض الآن لا يحتاج إلى تقويم إلهي وتعديل رباني وهداية سماواية وشريعة إسلامية؟ إن الناظر إلى حال الأرض في زماننا يرى الأوضاع شديدة الشبه بما كانت عليه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرى الجرائم الأخلاقية، والانحراف في السلوك وصل إلى درجات شنيعة، تجد شعوباً كاملة غارقة تماماً في الجنس والإباحية والشذوذ، فمعدل الزنا في أمريكا تحت (18) سنة مراهقين وصل إلى (55%)، في إنجلترا (65%)، في العالم الإسلامي معدلات الزنا في ارتفاع رهيب، لكن الحمد لله ما زال المجتمع المسلم لا يسمح بالمجاهرة بمثل هذه الفواحش وإن كانت موجودة، والكل يلاحظ الإباحية التي تنتشر بلا حدود في وسائل الإعلام والشوارع والجامعات والأندية، ناهيك عن الشواطئ وحمامات السباحة.
العنف في الأرض في ازدياد ملحوظ، جرائم القتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه والخطف منتشرة بشكل بشع، نوعيات الجرائم البشعة والتعذيب في السجون، والقتل الجماعي تنتشر بأشكال رهيبة في الأرض، الحروب الظالمة وأكل أموال الشعوب أصبح ظاهرة في كل بلاد الأرض، وللأسف العالم الإسلامي من أكثر المناطق تعرضاً لهذه الحروب ولهذا الظلم، وأحياناً الظلم يأتي من الأقربين، ولا يلزم أن يكون من محتل شعره أصفر وعينه زرقاء، لا، الظالم قد يكون من نفس بلد المظلوم، وتأمل حال إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية فهي تعيش دكتاتورية وقهراً وبطشاً في كل مكان من أمريكا وأوروبا، وإن كانت بلاداً ديمقراطية إلا أنها ما زالت استعمارية، نعم تغيرت أشكال الاستعمار لكنها ما زالت استعمارية، فحروب الفرس والرومان القديمة لم تكن تحمل وحشية حروب أمريكا وإنجلترا وفرنسا وروسيا والصرب وغيرهم، فأمريكا قتلت في هيروشيما وناجازاكي أكثر من مائتي ألف مدني، في (6) أغسطس (1945م)، وفي (19) مارس من نفس السنة قتلت أمريكا ثمانين ألف ياباني مدني بقنابل النبالم المحرمة، رمتها طائرات البي (29) على طوكيو، وهذا لم يشتهر؛ لأن موضوع القنبلة النووية غطى على كل شيء.
وقتلت أمريكا مليون ونصف كوري وصيني من العسكريين، ومليون مدني في حرب كوريا سنة (1950م) أرقام مهولة.
وقتلت أمريكا من ثلاثة إلى أربعة ملايين فيتنامي في الحرب الفيتنامية من سنة (1963م - 1975م) أعنف حرب إبادة في التاريخ، ناهيك عما رأيناه في العراق وأفغانستان وغيرهما، ما سمعنا عن شيء مثل هذا في أيام الجاهلية الأولى.
كذلك حروب الصرب وروسيا والهند حروب رهيبة، وللأسف القتلى كلهم من المسلمين، حتى أمريكا والغرب لما ضربوا الصرب في كوسوفا رموا عليها آلاف الأطنان من القنابل المخصبة باليورانيوم المشع، والتي سيبقى أثرها في أراضي كوسوفا آلاف السنين، هذا إن كان في عمر الأرض بقية! فالوثنية في العالم باتت بشعة؛ لأن الغالب الأعم من أهل الأرض وثنيون، لو قسمت العالم إلى مسلمين ونصارى ويهود ووثنيين، فإن نسبة الوثنيين أعلى نسبة: ألف مليون في الهند يعبدون البقر والشجر والفئران الخ، مليار وثلاثمائة مليون في الصين ينكرون وجود الإله شيوعية ملحدة تماماً! روسيا ليست بعيدة عن الاعتقاد هذا، وإن كانت الشيوعية انتهت إلا أن معظم الشعب لا يزال ملحداً.
البوذية منتشرة في جنوب شرق آسيا واليابان.
إفريقيا فيها قبائل كثير جداً وثنية تماماً، يعبدون أصناماً وأشجاراً ونجوماً.
في بلاد أوروبا وأمريكا كثير من المحسوبين على النصارى أصبحوا ملحدين، ففرنسا تقول: أنا علمانية بحتة، وأمريكا كذلك علمانية بحتة، وألمانيا كذلك، وتركيا وتونس وغيرهما من بلاد المسلمين يقولون: نحن علمانيون.
رأينا في بلاد مسلمة من يعبد الشيطان مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي منكم بما تحقرون) لكن في هذا الوقت بعض شباب وشابات المسلمين أعطوا الشيطان الذي كان قد يئس منه أمر لا يتخيله عقل.
بعد كل هذا ألا تشعرون أن العالم بأسره وليس العالم الإسلامي فقط يتجه إلى هاوية سح