نزول النصر يحتاج منا إلى وقفة مهمة وطويلة، فالنصر يأتي من حيث لا يتوقع المسلمون، بل أحياناً يأتي من حيث يكره المسلمون، أي: يأتي النصر بطريقة يعترف الجميع أنها ليست من طرق البشر، ولا يستطيعونها؛ وما ذلك إلا لكي ينسب المسلمون النصر إلى الله عز وجل، ولا ينسبوه إلى أنفسهم أبداً.
فبعض المسلمين كرهوا هذا اللقاء مع الجيش المكي في بدر: {وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال:5]، وكانوا يتوقعون في هذه الموقعة موتاً محققاً للمسلمين: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [الأنفال:6]، لكن سبحان الله! أتى النصر من حيث لا يتوقع المسلمون، بل ومن حيث يكرهون.
وإذا أتى النصر أتى بطريقة لا يقدر عليها البشر عموماً؛ حتى لا يدعي أحد أنه بفضل قوته وعدده وخطته انتصر، كما ذكرنا قبل ذلك.
وفلسفة النصر في الإسلام تؤكد أن النصر من عند الله عز وجل، لكنه لا ينزل عشوائياً، بل ينزل على الذين ثبتوا في أرض القتال.
تعالوا نرى كيف نزل النصر في يوم بدر! الكيفية التي تم بها النصر يا إخواني! تتلخص في قوله تعالى في سورة الأنفال: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126]، فهذا أسلوب قصر نفى تماماً أن يأتي النصر إلا من طريق واحد: من عند رب العالمين سبحانه وتعالى.
تعالوا نرى جنود الرحمن في يوم الفرقان تعالوا نرى الجنود التي حققت النصر العظيم.