وصلنا في الدرس الفائت إلى أن الجيش المكي عسكر في منطقة العدوة القصوى يعني: جنوب وادي بدر، والجيش المسلم اقترب من بدر في المنطقة الشمالية منه، وتعرف بالعدوة الدنيا.
قام صلى الله عليه وسلم بعملية استكشافية بنفسه هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، واستطاعا أن يعرفا مكان جيش مكة، لكن لم يستطع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرف أعداد القوم ولا قادتهم، فأرسل فرقة استكشافية ثانية كان فيها علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أجمعين، وأمسكت الفرقة غلامين من جيش العدو، وأحضروهما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في استجوابهما.
قال: (أخبراني عن قريش.
قالا: هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى قال: كم القوم؟ قالا: كثير، قال: ما عدتهم؟ قالا: لا ندري، قال صلى الله عليه وسلم: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يوماً تسعاً ويوماً عشراً، قال صلى الله عليه وسلم: القوم فيما بين التسعمائة والألف)، فاستطاع أن يحدد بالضبط العدد الحقيقي لجيش مكة؛ لأنهم كانوا يعلمون أن الجمل يكفي مائة تقريباً للأكل، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر وطعيمة بن عدي والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد).
إذاً: كل قادة مكة موجودون في جيش مكة الذي خرج إلى بدر، فأقبل الرسول عليه الصلاة والسلام على المؤمنين وقال لهم: (هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها).