مرحلة فرض القتال على المسلمين إذا قوتلوا

إلى هذه اللحظة كان القتال مأذوناً به وليس مفروضاً على المسلمين بمعنى: أن الله سبحانه وتعالى أذن للمسلمين أن يقاتلوا إن وجدوا في أنفسهم قدرة على القتال، أو أن يختاروا عدم القتال إن رأوا أن ذلك أفضل.

والآية التي أقرت هذا التشريع: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج:39].

لكن الوضع في هذا الوقت تغير، فالإذن جاء في زمان القتال فيه محتمل، أما الآن فالقتال ليس محتملاً فقط، بل متوقعاً وقريباً جداً يكاد يكون حتمياً.

فلو حدث قتال بالصورة التي نتخيلها من جانب قريش المهزومة في كرامتها، المجروحة في كبريائها، وبمساعدة اليهود الغادرين في داخل المدينة المنورة، كيف سيكون الموقف؟ سيكون الموقف في غاية التأزم، فلا ينفع هنا مجرد الإذن بالقتال، بل يجب أن يفرض القتال على المسلمين لدفع شر هؤلاء الأعداء؛ لأن الإذن سيسمح للبعض بعدم المشاركة، وسيفتح للشيطان أبواباً كثيرة يدخل منها إلى قلوب الضعفاء فيصور لهم صعوبة القتال، وستقاتل قريش مجتمعة مع اليهود، وستقاتل مجتمعة مع قبائل العرب، وهذا أمر صعب، فلا يمكن للمسلم في مثل هذه الظروف أن يؤاثر الدعة ويتجنب القتال.

لكن إن فرض القتال على المسلمين فرضاً فإنهم سيعتبرونه كالصلاة والزكاة، ويعتبرونه واجباً ينفذ، وبذلك تغلق أبواب الشيطان، وستقل حتماً نسبة التخلف عن الجهاد في سبيل الله، ولن يكون التخلف إلا من الضعفاء أو المنافقين، وهؤلاء لا نريدهم في المعركة.

نتيجة لهذه الظروف ينزل الله التشريع المحكم بالقانون الجديد المناسب للمرحلة الحالية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015