بدأت الدوريات العسكرية الإسلامية بالفعل تجوب المنطقة حول المدينة المنورة بحثاً عن قوافل قريش المتجهة إلى الشام.
ونلاحظ شيئاً مهماً في هذه الدوريات، فهي مكونة فقط من المهاجرين وليس فيها أنصاري واحد، وذلك لعدة أسباب: أولاً: المهاجرون هم الذين وقع عليهم الظلم من قريش، فحربهم مع قريش ستبقى حرباً مفهومة عند كل أهل الجزيرة العربية، فيعذر أهل الجزيرة العربية المسلمين تماماً في هذه الحرب، وبذلك لا تفهم صورة الإسلام بطريقة خاطئة وبالذات في أيام الإسلام الأولى التي لم يسمع الناس فيها عن الإسلام.
ثانياً: المهاجرون سيكونون أكثر حمية وأشد قوة في حربهم مع قريش؛ لكونهم يستردون حقاً شخصياً لهم سلبته قريش؛ لذا ستكون فرصة النصر في جيش المهاجرين أكبر من فرصة النصر في الجيش المختلط من المهاجرين والأنصار.
ثالثاً: المهاجرون يعرفون أهل قريش، ويعرفون طرق حربهم وطرق قتالهم، فقد عاشوا بين أظهرهم فترة طويلة من الزمان، فهم يعرفون القادة، ويعرفون إمكانياتهم العسكرية بكل التفاصيل، وهذا الأمر سيعطي فرصة أكبر للنصر.
رابعاً: رفع الروح المعنوية للمهاجرين، فالمهاجرون تركوا الديار والأموال، وهذه فرصة لرفع الروح المعنوية، وتعويض ما خسروه مادياً ومعنوياً.
وقد يكون هناك أسباب أخرى لاختيار المهاجرين قد لا نعلمها، لكن السبب الرئيس في هذا الأمر: هو أن الرسول عليه السلام لم يرد أن يحرج الأنصار بالخروج للقتال ضد قريش خارج المدينة؛ لأن الأنصار لما بايعوا بيعة العقبة الثانية بايعوا على أن ينصروا الرسول صلى الله عليه وسلم في داخل المدينة المنورة إن أتى إليهم، ولم يبايعوه على الحرب خارج المدينة.
والرسول صلى الله عليه وسلم لو أمر الأنصار لأطاعوه، لكنه لا يريد أن يسبب لهم الإحراج، وكان صلى الله عليه وسلم وفياً في كل عهوده، لا يأخذ الناس أبداً بسيف الحياء.