أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فمع الدرس الثاني من دروس العهد المدني في السيرة النبوية.
تحدثنا في الدرس السابق عن هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وكيف أسس فيها أمة من لا شيء فدولة المدينة المنورة كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمثل إلا قبيلتين صغيرتين في الجزيرة العربية، ولا مقارنة مطلقاً بينها وبين الدول الكبرى الموجودة في العالم، ومع ذلك أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة قوية وقفت على قدم المساواة مع القوى العالمية الموجودة في ذلك الزمن، بل وتفوقت عليها كما سيتبين ذلك إن شاء الله في الدروس والحلقات القادمة.
هذه الخطوات التي سار عليها صلى الله عليه وسلم وأسس بها الدولة الإسلامية، لابد أن تبرز بعناية كما ذكرنا في الدرس السابق.
فقد ذكرنا من هذه الخطوات في الدرس السابق الإيمان الجازم برب العالمين سبحانه وتعالى، وبقدرته وبحكمته وعلمه سبحانه وتعالى، وإحاطته بكل شيء، ونصرته للمسلمين، وتأييده لإقامة هذه الأمة إن ارتبط المسلمون به، هذا أمر في منتهى الأهمية، وأساس رئيس من الأسس التي تبنى عليها الأمة الإسلامية.
الأساس الثاني في غاية الأهمية: وهو الإيمان الجازم بأن ما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتى به لكونه رسولاً من عند رب العالمين سبحانه وتعالى، فكل ما قاله وشرعه صلى الله عليه وسلم يقع منا موقع القرآن الكريم، فيصبح المصدر التشريعي للإسلام عندنا القرآن الكريم والسنة المطهرة.
الأساس الثالث في غاية الأهمية: هو الإيمان الجازم بالبعث يوم القيامة وبالحساب، وبأن الله عز وجل مطلع على أعمالنا، ومطلع على قلوبنا، وسيجزينا بالجنة إن عملنا صالحاً، وسيجازينا بالنار إن عملنا غير ذلك.
وتحدثنا أيضاً عن دور المسجد في بناء المجتمع المسلم، وتنوع هذا الدور من ناحية الحفاظ على إيمان الأمة، والترابط والتراحم بين المسلمين، وإذابة الفوارق بين الحكام والمحكومين، وبين الأغنياء والفقراء وغير ذلك من الأمور المهمة جداً في دور المسجد.
وأيضاً ذكرنا مشاركة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائد المسلمين لشعبه في كل أمور الحياة، بما فيها بناء المسجد وغير ذلك من الأمور التي فصلنا فيها في الدرس السابق.