بعد موقف ملك الجبال أكمل الرسول صلى الله عليه وسلم طريقه إلى مكة، فلما وصل إلى وادي نخلة على بعد (43) كيلو متر من مكة، وقف يستريح قليلاً، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما يستريح لا يستريح بالنوم وإنما بالصلاة، فوقف يصلي ويقرأ القرآن، فهو يتزود ليكمل الطريق.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يظن أنه وحيد في هذا الوادي، وهذا صحيح بالنسبة للإنس، لكن لم يكن صحيحاً بالنسبة للجن، فكان هناك جن في وادي نخلة، جلسوا يستمعون القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله يصف ذلك الحدث: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف:29 - 32].
إن كان البشر في الطائف ومكة قد رفضوا الدعوة، فهناك مجموعة لا بأس بها من الجن آمنت، وفي الحقيقة أن هذا لا يخوّف، بل يسعد أن تأتي يوم القيامة وتجد في ميزان حسناتك ألف أو مليون جني، فمثلاً: كنت في يوم من الأيام تدعو إلى الله، أو تقرأ القرآن، أو تذكر الله سبحانه وتعالى فسمعك جني وآمن، فهذا خير عظيم.