ورفعك. (?)
إذ التوديع: تحية من يريد السفر، واستعير في الآية للمفارقة بعد الاتصال تشبيهاً بفراق المسافر في انقطاع الصلة، حيث شبه انقطاع صلة الكلام بانقطاع صلة لإقامة، والقرينة إسناد ذلك إلى الله الذي لا يتصل بالناس اتصالاً معهوداً.
وهذا نفي لأن يكون اتصاله بالله قد قطع؛ بقطع الله الوحي عنه (?)؛ ولذلك وجدنا هذا البر العظيم من الله تعالى به عندما أضاف لفظ الربوبية إلى ضمير المخاطب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَمَا قَلَى} ليبين عنايته به، وولايته له، وفيه من اللطف به ما لا يخفى، فكأنه قيل: ما تركك المتكفل بمصلحتك والمبلغ لك سبل الكمال اللائقة بك (?).
ونلاحظ في قوله: {وَمَا قَلَى} حذف المفعول، وذلك لئلا يواجه عليه الصلاة والسلام بنسبة القلى، لو قال ما قلاك، لطفاً به وشفقة عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفيه احتمال آخر، وهو أنه لنفي صدوره عنه - عز وجل - بالنسبة إليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأحد من أصحابه، ومن أحبه إلى يوم القيامة، وذلك لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (المرء مع من أحب). (?)
ويأتي بعد نفي التوديع والقِلى قوله تعالى: {وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)} [الضحى: 4]