وبداية نقول: ذهب سيد قطب رحمه الله إلى إثبات حادثة تزيين الشيطان، ولكن مع عدم العلم بكيفية ذلك، وكأنه يفصل بين الفريقين في نظرهم إلى تفسير الآية فيقول: «وفي هذا الحادث نص قرآنى يثبت منه أن الشيطان زين للمشركين أعمالهم وشجعهم على الخروج، وأنه بعد ذلك نكص على عقبيه فخذلهم وتركهم يلاقون مصيرهم وحدهم».

«ولكننا لا نعلم الكيفية التى زين لهم بهم أعمالهم ... إلى أن قال ولا سبيل لنا إلى الجزم بشيء من أمره إلا بنص قرآنى أو حديث نبوى صحيح والنص هنا لا يثبت الكيفية إنما يثبت الحادث» (?).

وثم تعليق هنا نبديه معتمداً على دراسة النص القرآنى، والمقارنة بين النصوص مع ما ذكرنا من التحليل للآيات النازلة في حكاية غزوة بدر، خاصة وقد تمسك أصحاب رأى الوسوسة برأيهم، وضعفوا الروايات كافة لرأى تمثل الشيطان، وكلامه مع المشركين ومخاطبته إياهم بما جعلنا ندقق في فهم النصوص القرآنية الواردة في الحادث، وما جعلنا نقف على هذا الحادث أمران على الأقل:

الأول: الإيمان بالغيب والملائكة والجن، وأن ذلك من أصول الإيمان، وأن ما جادل من جادل فيه إلا للانهزام الفكرى أمام المادية الغربية الطاغية، التى تفرع الإسلام وتحاول من مضامينه الغيبية، بهذه الادعاءات العلمية زعموا التى لا وزن لها في ميزان العقل، فضلاً عن العلم وأمانته. وكل ذلك تشكيك في قضايا الإسلام في نفوس المؤمنين استكمالاً للغزو الفكرى.

الثاني: وهو المتعلق بما نحن فيه، وهو كيف أن الله تعالى رتب ويرتب للمؤمنين الخلص، كل أمورهم، ويهيء لهم عامة أحوالهم، ويخرق لهم النواميس الكونية دلالة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015