وهكذا - من بداية نزول الوحي - والقرآن يؤكد قضايا صحة الرسالة، يما لا يدع مجالاً لمنصف، أو لمن له أدنى عقل على صدق الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما ادعى من الوحي؛ لأنهم لم يكونوا يكذبونه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما بينهم في غير ذلك حتى جاءهم بالوحي المبارك.
وتحمل الآيات التصريح والتلميح في الرد على المستشرقين، الذين جاءوا بعد سنين طويلة ليخترعوا أموراً لم تكن (?)، ومواقف لم تحدث، ناهيك عن الأخلاق المفتراه ليلصقوها بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان ذلك رداً موضوعياً عليهم، إن كل شيء في حياته معلوم، إنه لا علاقة له بما ينزل عليه إلا التبليغ، والله هو الحكم بعد ذلك. كان الأولى بهذه المواقف هؤلاء الكفرة أعدى أعدائه ليشيعوها وينفروا الناس بها عن دعوته، فلم لم يكن ذلك، دل على عدم الوقوع، ولكن ماذا تقول لمنصفين استبدلوا الأحذية بالعقول، وحكموها في التاريخ، واخترعوا له أحداثاً وفسروها بتلك الفعال.
الثالثة: يبدو في اختيار القَسَم بالضحى والليل إشارة إلى إشراق نور التوحيد، وانتهاء ظَلْماء الشرك، وأنه ما فتر الوحي ليقف وينتهي، بل ليعاود انبلاجه وظهوره، وليزداد سناؤه وضياؤه حتى يعم العالمين بأبهى مما كان ضوءاً، وأقوى إشراقاً، والآيات في السياق تشير إلى ذلك في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} [الضحى: 5] وإن رضاءه - كما ذكرنا - في رضا الله، ورضا لله في علو دينه، وظهور بنيانه، وتمكين شرعه، هداية للناس إلى طريقه القويم.