المشركين، وقال شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا أصابته فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم فقيل لهم فلم تقتلوهم، والأظهر أن الفاء هي الفصيحة وهي واقعة في جواب شرط مقدر، أي إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، أو التقدير إذا علمتم أن الله أوحى إلى الملائكة بضرب أعناق المشركين وقطع أيديهم فلم تقتلوهم أنتم ولكن الله قتلهم وقد بين لكم ذلك. (?)

وكذلك كانت تلك الرمية من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التى انهزم المشركون على إثرها فقال له تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ}، أنت يا محمد {إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، أنها رمية الله تعالى، فلم ترمها أنت على الحقيقة؛ لأنك لو رميتها لما بلغ أثرها إلا ما يبلغة أثر رمى البشر، ولكنها كانت رمية الله حيث أثرت هذا الأثر العظيم، فأثبت الرمية لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن صورتها وجدت منه، ونفاها عنه، لأن أثرها الذى لا يطيقه فعل البشر هو فعل الله عز وجل، فكان الله فاعل الرمى على الحقيقة وفي ذلك:

1 - إثبات لطف الله تعالى بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإظهار صدق وأعلام نبوته.

2 - وهو كون قتل المشركين ورميهم حاصلاً من الله لأمن المسلمين ونصرهم يفيد تعليل وتوجيه ما نهاهم عنه من توليه الأدبار، ويفيد أمرهم بالصبر والثبات.

3 - التعريض بضمان تأييد الله إياهم إن امتثلوا لقوله مثلاً: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]، فإنهم إن امتثلوا ما أمرهم الله كان الله ناصرهم، وذلك ما يؤكد على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015