وعُرف اسم الله هنا بالاضافة إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {رَبَّكُمْ}، ليوافق تستغيثون لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أول من استغاث، ولما فيه من التنويه بقدره واللطف به ورفع شأنه. (?)
وإيحاء الله تعالى إلى الملائكة بأنه معهم مقصود منه تشريفهم، وتشريف العمل الذى سيكلفون به، لأن المعية تؤذن إجمالاً بوجود شيء يستدعى المصاحبة، فكان قوله تعالى: {أَنِّي مَعَكُمْ} [الأنفال: 12]، مقدمة للتكليف بعمل شريف يذكر ما تتعلق به المعية، لأنه سيعلم من بقية الكلام، أي أنى معكم في عملكم الذى أكلفكم به.
{فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا}، الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، وعُرف هؤلاء المطلوب تثبيتهم بالموصول لايماء صلة {آَمَنُوا}، بأن إيمانهم هو الباعث على هذه العناية، فتكون الملائكة بعناية المؤمنين لأجل وصف الإيمان.
وهنا يظهر موقع الفاء من حيث ما دل عليه {أَنِّي مَعَكُمْ}، من التهيئة لتلقى التكليف بعمل عظيم، وإنما كان هذا العمل بهذه المثابة لأنه إبدال للحقائق الثابتة باقتلاعها، ووضع أضدادها لأنه يجعل الحبن شجاعة، والخوف إقداماً، والهلع ثباتاً في جانب المؤمنين، ويجعل العزة رعباً في قلوب المشركين، ويقطع أعناقهم وأيديهم بدون سبب من أسباب القطع المعتادة، فكانت الأعمال التى عهد للملائكة عملها خوارق عادات.
وكان المراد التثبيت أيضاً الحمل على الصمود في مواطن الحرب والجد وفي مقاساة الشدائد في القتال قولاً وحالاً مثل ظهورهم بصورة بشرية يعرفونها بالنصر على أعدائهم، وأنهم سمعوا المشركين يقولون لئن حمل علينا المسلمون لننكشفن (?).