- هذه الآيات، سبقها قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، إلى قوله تعالى:
{نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}.
ومعنى ذلك وضحه العلامة أبو السعود (?)، حيث يذكر في تفسيره أن قوله: {عَلَى نُورٍ} متعلق بمحذوفٍ، هو صفة له، مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة، والجملة فذلكةٌ للتمثيل، وتصريح بما حصل منه، وتمهيد لما يعقبه، أي ذلك النور الذى عبر به عن القرآن، ومثلت صفته العجيبة الشأن، بما فصل من صفة المشكاة، نور عظيم كائن على نور كذلك، لا أنه نور واحد معين، أو غير معين، فوق غيره، أو هو مجموع نورين، بل هو نور متضاعف، من غير تحديد لتضاعفه، كما مثله بنور المشكاة؛ لكونه أقصى مراتب تضاعفه، مع ما في الزيت وصفائه من زيادة النور والإشراق والبهاء (?).
- أما قوله تعالى بعد ذلك: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} ..
فإنه يأتى بعدما ذكر الله تعالى شأن القرآن الكريم، في بيانه للشرائع، والأحكام، ومباديها، وغاياتها المترتبة عليها، من الثواب والعقاب، وغير ذلك من أحوال الآخرة وأهوالها، وأُشير إلى كونه في غاية ما يكون من التوضيح والإظهار، حيث مُثِّل بما فصل من نور المشكاة، وأنه في أقصى مراتب الظهور، وإنما يهتدى بهداه من تعلقت المشيئة الإلهية بهدايته، وعَقَّبَ ذلك بذكر الفريقين:
الأول: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ...}، إلى آخر صفاتهم.
الثاني: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً} [النور: 39]. وهي الآية التالية لما سبق.