المسجد في الإسلام، خاصة إذا علمنا، أنها - وغيرها من الآيات الواردة في نفس الموضوع - لتؤكد بأسباب نزولها اتصال تلك الحلقة، وتسلسلها الزمني، والحكمي، بما يشي بارتباط الدين، ونشره، بالمسجد، وكذلك بشيوع آدابه وأخلاقه، بالمسجد، وبتربية المسلمين على أحسن نظام، - دقيقه وجليله - بالمسجد.
وننظر - استكمالاً لما سبق - في موضعين - توخياً للاختصار - من الآيات السابقة، نفصلهما، نوضح بهما شيئاً من المقصود.
الموضع الأولى: آيته مكية، حيث وردت في سورة الأعراف، وهي في ترتيب السيوطي (?)، الثامنة والثلاثين، حسب الترتيب الزمني لنزول القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 29 - 30].
وبتأمل هذه الآية، وبالنظر في سياقها، نرى أنها جاءت نفياً، لما سبق ذكره من المشركين، بأن الله جل وعلا - حاشا له - يأمر بالفحشاء، فأنكر عليهم، وبين لهم، ولغيرهم، إلى يوم الدين، ما يأمر به ربهم سبحانه وتعالى، حيث ذكرت الآية مقومات، وأركان الدين الحق، فكراً، وسلوكاً، ودعوة، فجمعت ذلك ملخصاً في ثلاثة أُمور:
الأول: الأمر بالقسط.
الثاني: إقامة الوجوه عند كل مسجد.
الثالث: دعاء الله تعالى، بالإخلاص في الدين له.