التاسعة: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114].
العاشرة: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: 34].
ونظرة إجمالية، في هذه الآيات الكريمات، نراها تبين - بما نزل منها في المدينة، وبما نزل في مكة، وهو قليل بالمقارنة بما نزل في المدينة، نظراً لظروف الدعوة أيامها - سيرة المسجد على مدار حياة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى. ويوضح التصاق سيرته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمسجد، دليلَ هداية الدعوة، وربانيتها، وتوجيهها إلى الله تعالى، وكيف تكون المساجد، - كما رأينا تطبيق الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العملي، وتطبيق الصحابة - محل النور، والذكر، والمراكز التي تشع منها كل طرائق الخير، وسبل الرشاد، على العالمين، في الدنيا والآخرة.
ظهر ذلك بأن يتوجه فيها المسلمون، إلى قبلة واحدة، صفاً واحداً، يعبدون إلهاً واحداً، سواء كانت قبلتهم في مكة إلى بيت المقدس، أو قبلتهم في المدينة إلى الكعبة المشرفة، حيث جاءت آيات، توضح ما نحن بصدده، كقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]. فدل على أن الله تعالى غيَّر له القبلة، التى أمر بها، والتى لم يكن له أن يغيرها إلا أن يأتيه أمر الله تعالى بذلك.
وبينت الآيات إجمالاً، لزوم رفع هذه المساجد، بناءً وتشييداً، وكذلك رفعها بما يكون فيها من إشهار فضلها وسمو منزلتها. وأمر كذلك - سبحانه وتعالى -، بعد تشييدها، ورفعها، بتطهيرها من كل ما يخالف معنى الطهارة حساً، ومعنىً.
ثم نادى على كل الناس - وكان ذلك في مكة - بألا يدعوا مع الله أحداً في مساجده، وأن دعاءهم وتوحيدهم، له وحده لا شريك له. وأن يقيموا وجوههم مستقيمين له، غير