وعندما أظهر إسلامه وقع عليه شتى أصناف التعذيب والأذى في المال والنفس، في ضمن وكانوا يضجعونه على صخور ملتهبة، ثم يضعون عليه حجراً حتى لا يستطيع أن يقوم (?)، وأوقدوا له ناراً ووضعوه عليها فما أطفأها إلا ودك ظهره، كما ذكر خباب نفسه، وقد كشف عن ظهره لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وذكر أيضاً أنهم كانوا يضجعونه على الرضف، ومع ذلك لم ينالوا منه ما أرادوا. (?)
وله قصة تدل على أن استباحوا منهم كل شيء، وهي في المال، مع العاصى بن وائل حيث صنع له خباب سيفاً فأتاه يتقاضاه فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقلت: لا أكفر بمحمد – عليه الصلاة والسلام – حتى يميتك الله ثم يحييك، قال: إذا أماتنى الله ثم بعثنى ولى مال وولد، فسأقضيك، فأنزل الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)} [مريم: 77 - 78]. (?)
ومما يطالعنا في هذا المبحث من الاضطهاد والأذى، هذا السؤال لمَ يلاقى المؤمنون هذا التعذيب وهم جنده سبحانه وعلى الحق المبين وفيهم رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
والجواب: أن المؤمنين مطالبون بعبودية السراء وعبودية الضراء قياماً بتحقيق أمره:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56]، وخاصة الرسل وأتباعهم القائمين الأوائل بدعوة التوحيد وإفراد الرب بالعبادة، وتحمل تلك المسؤلية والجهاد في سبيلها، ودفع ضريبتها من مشقة وعنت حتى يكونوا القدوة لمن بعدهم، ولا يقوم بذلك إلا الأحقاء بذلك، ومن ثم ينزل البلاء ليميز الصادقين من الكاذبين قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ