ذهب بروكلمان إلى التشكيك في مولده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث ذكره أنه قبل عام الفيل بعشر سنوات محيلاً ذلك على الأب هنري لامانس، حيث وصف "وات" نفسه هذا الهنري بشدة التطرف في تناول السيرة، وكتاباته وغيره تثير الغثيان (?)، وما ذلك منه إلا لسلب دعوى النبوة عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث لا يكون سنه عند الرسالة أربعين عامًا، والرسل تبعث في سن الأربعين؛ مما يدل على عدم صحة النبوة، هكذا بغير بينة ولا برهان يغير هذا المؤلف التاريخ ويخترع روايات لا أصل لها، ليصل بها إلى ضلاله كل ذلك باسم العلم (?) وقد صح بما لا شك فيه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صدع بالدعوة عند سن الأربعين، ولم يخالف في ذلك أحد من العالمين حتى جاء لامانس فاخترع هذا الكذب على الله وعلى التاريخ وعلى الناس (?).

ولد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتيمًا، فقد مات والده وأمه حامل به، وهو المشهود الذي تقطع به الآية القرآنية الكريمة: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6)} [الضحى: 6] وهو أبلغ اليتم وأعلى مراتبه (?)، وبذا شاء الله تعالى أن ينشأ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذلك ليتربى بعيدًا عن أبيه وأمه وجده، وأن يقضي معظم طفولته في بادية بني سعد مسترضعًا فيهم لإبعاد الريبة، وإيهام الناس أن نبوته إنما هي توجيه وإرشاد آبائه حيث مكانة جده العالية في مكة حينئذ.

وإنما يتمه كذلك أسوة في كل زمان ومكان ليعرفوا أن اليتم ليس بلاء يمنع صاحبه من الوصول إلى أعلى المراتب دنيا وأخرى، ولنفرض أن عبد الله أباه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقى حيًا! فماذا عسى كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015