وقد حاول البعض استغلال التشابه في مناسب الحج بين الجاهلية والإسلام، وبعض الشعائر التعبدية الأخرى، لإثارة شبهات هي أن تعاليم الإسلام امتداد للعصر الجاهلية مع تغييرات يسيرة في الطقوس، فعقيدة التوحيد نادى بها بعض شعراء العصر الجاهلي، والحج على الكعبة كان موجوداً من قبل، وكذلك تقديس الأشهر الحرم، وظهور أفكار تتناول القضاء والقدر مع غلبة الجبر، فضلاً عن التشابه في الدعوة إلى المروءة والصدق والكرم والشجاعة.

إن الفهم الصحيح لهذا التماثل لا يتحقق إلا بالاعتراف بالوحي والنبوة، وإن الديانة الإبراهيمية تركت تعاليم وعبادات وقيماً دينية في مكة وما حولها، كما أن أنبياء آخرين بلغوا أدياناً صحيحة إلى الساميين في شبه جزيرة العرب خلال تاريخهم الطويل.

إن الفهم الشامل للإسلام يؤكد أن هذا الدين جاء نقيضاً للواقع الفكري والاجتماعي في الحقبة التي ظهر فيها وليس امتداداً لجهود سابقة، وما هدمه من الواقع الجاهلي أعظم بكثير مما استبقاه.

وإن مراد القائلين (?) بأن الإسلام امتداد وتطور وانعكاس لبيئة فكرية واجتماعية بمكة التأكيد على بشرية القرآن وإنكار النبوة والوحي.

ولا شك أن المقاومة العنيفة التي واجهها الإسلام بمكة وأنحاء الجزيرة العربية عامة تجعل من الصعب قبول الأفكار التي تزعم بأن الإسلام جاء تحقيقاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015