مسارعة المؤمنين إلى الجهاد:
ونظرا لبعد السفر وكثرة الأعداء فقد كشف الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين عن وجهته ليستعدوا لذلك خلافا لنهجه في الحروب فإنه لا يعلن وجهته حتى لا يصل الخبر إلى عدوه فيأخذوا أهبتهم (?).
وقد سارع المؤمنون إلى الخروج في هذه الغزوة، حتى إذا طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من علي بن أبي طالب أن يخلفه في أهله، قال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي (?) "، وهكذا شأن أصحاب العقيدة لا يفرحون بالثمار والظلال بل يؤثرون الحر والظمأ والجوع في سبيل الله، فهي غنيمتهم التي يدخرونها لآخرتهم.
قال أبو خيثمة الأنصاري: "تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت حائطا فرأيت عريشا قد رش بالماء، ورأيت زوجتي فقلت: ما هذا بإنصاف، رسول الله صلى الله عليه وسلم في السموم والحرور وأنا في الظل والنعيم، فقمت إلى ناضح لي وتمرات فخرجت، فلما طلعت على العسكر فرآني الناس، قال النبي: كن أبا خيثمة فجئت، فدعا لي" (?).
وقد حزن الفقراء المؤمنين لأنهم لا يملكون نفقة الخروج إلى الجهاد فهذا علبة بن زيد أحد البكاءين صلى من الليل وبكى، وقال: "اللهم إنك قد أمرت بالجهاد، ورغبت فيه، ولم تجعل عندي ما أتقوى به مع رسولك، وإني