وقعت هذه الغزوة في رجب من صيف عام تسع للهجرة بعد العودة من حصار الطائف بستة أشهر تقريباً (?). ورغم أن المؤرخين - على عادتهم - حاولوا أن يجدوا سبباً مباشراً لها، فذكر ابن سعد أن هرقل جمع جموعاً من الروم وقبائل العرب الموالية لها، وأن المسلمين علموا بخبرهم فخرجوا إلى تبوك (?). وذكر اليعقوبي أن الثأر لجعفر بن أبي طالب هو سبب الغزوة (?) ولكن الصحيح أنها استجابة طبيعية لفريضة الجهاد وقد نبه على ذلك الحافظ ابن كثير بقوله: "فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتال الروم، لأنهم أقرب الناس إليه، وأولى الناس بالدعوة إلى الحق لقربهم إلى الإسلام وأهله، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} " (?). ولا صحة لما قيل أن الخروج إلى تبوك كان عن مشورة يهود وقولهم إنها أرض المحشر وأرض الأنبياء تغريراً بالمسلمين ليخرجوهم من المدينة ويعرضوهم لخطر المواجهة مع الروم، وأن الآية {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} نزلت في ذلك، فإن الخبر في ذلك مرسل ضعيف ويرده أن الآية مكية (?) وتتميز هذه الغزوة وغزوة مؤتة التي سبقتها بأن وجهتها إلى الروم ونصارى العرب، في حين كانت الغزوات والسرايا الأخرى وجهتها إلى يهود