ويسأله النصر، يقول: "إنك إن تشأ لا تبعد بعد اليوم" (?). حتى إذا غشيه الأعداء نزل عن بغلته وترجل (?)، وكان الصحابة إذا اشتد البأس والتحم القتال يتقون به لشجاعته وثباته (?)، فلما رأى الفارون من المسلمين ذلك وسمعوا العباس يناديهم أخذوا يتلاحقون به ويرددون: لبيك لبيك. حتى أن من لم يستطع منهم أن يثني بعيره ويعود به أخذ سلاحه وتركه (?)، فاشتد القتال من جديد وقال الرسول صلى الله عليه وسلم "هذا حين حمي الوطيس" (?) وأخذ تراباً أو حصيات فرمى بهن وجوه الكفار وهو يقول:"شاهت الوجوه", "انهزموا ورب محمد" (?)، {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (?) ولم تصمد هوازن وثقيف طويلاً في الجولة الثانية، بل فروا من الميدان وتعقبهم المسلمون بعيداً عن حنين تاركين وراءهم قتلى كثيرين وأموالاً عظيمة في الميدان. ولم يتمكنوا من الانسحاب المنظم حتى أنهم تركوا خلفهم شراذم من الجيش تمكن المسلمون من القضاء عليها بسهولة (?) فكانت خسارتهم في الأرواح خلال الهزيمة أعظم من خسارتهم خلال المعركة فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعقب الفارين وقتلهم لإضعاف شوكتهم حتى لا يعودوا إلى الاجتماع والقتال (?). وقد أباح سلب المشرك لقاتله (?) ولكنه نهى عن قتل