فلما كان العصر أعلن وقف أي قتال بمكة وأوضح حرمتها فلما قتلت خزاعة رجلا تطلبه بثأر وداه الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أن من قتل بعد ذلك قتيلا فأهل القتيل بالخيار بين القصاص والدية (?).

وأما عامة أهل مكة فقد نالهم عفو عام رغم أنواع الأذى التي ألحقوها بالرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته، ورغم قدرة الجيش الإسلامي على إبادتهم، وقد جاء إعلان العفو عنهم وهم مجتمعون قرب الكعبة ينتظرون حكم الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم فقال: ما تظنون أني فاعل بكم؟ فقالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم. فقال:"لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم" (?). وقد نزلت الآية الكريمة {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} (?).

فاختار الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعفو عنهم ويصبر على ما كان منهم ويدع عقوبتهم تفضلاً منه واحتسابًا فقال: "نصبر ولا نعاقب" (?).

وقد ترتب على هذا العفو العام حفظ الأنفس من القتل أو السبي وإبقاء الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها وعدم فرض الخراج عليها، فلم تعامل مكة كما عوملت المناطق الأخرى المفتوحة عنوة لقدسيتها وحرمتها، فإنها دار النسك ومتعبد الخلق وحرم الرب تعالى، لذلك ذهب جمهور الأئمة من السلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015