هؤلاء الملوك والحكام كما أنه لا يعني الطعن التاريخي بالنصوص إذ يمكن أن تكون صحيحة من حيث الشكل والمضمون، ولكنها لا ترقى إلى مستوى الاحتجاج بها في السياسة الشرعية. ومن ثم يبقى نص كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل هو الوحيد الذي يصح حديثياً ويمكن اعتباره نموذجا تقارن به بقية الكتب لغرض النقد التاريخي.
وإن هذا الحكم يسري على معظم وثائق العهد النبوي الأخرى إذ لا مجال لتصحيحها من الناحية الحديثية ولم تُعنَ الكتب الستة بتخريجها سوى كتاب هرقل في البخاري وكتاب عمير ذي مران في (سنن أبي داؤد) (?)، رغم أن الكثير منها يمكن أن يكون صحيحاً من الناحية التاريخية، ولكنه يبقى دون الاحتجاج به في موضوعات العقيدة والشريعة.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب إلى الروم قيل له: إنهم لن يقرأوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتماً من فضة ونقشه: محمد رسول الله (?). مما يدل على مرونة السياسة الإسلامية في الإفادة من الوسائل والرسوم المعاصرة ما دامت لا تتعارض مع أحكام الشريعة وروحها العامة (?).