بالتدرج في نطاق الدعوة من الإقليمية إلى العالمية تبعاً لاتساع النفوذ السياسي للرسول صلى الله عليه وسلم. فإن صفة العالمية تقررت والمسلمون مستضعفون بمكة يخافون أن يتخطفهم الناس.

وقد أخرج البخاري في صحيحه نص كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل، وهو النص الوحيد الذي ثبتت صحته وفق شروط المحدثين من بين سائر نصوص الكتب التي وجهت إلى الملوك والأمراء التي ينبغي أن تنقد من جهة المتن والسند معاً قبل اعتمادها تاريخياً فضلاً عن الاستدلال بها في مجال التشريع، ونصه كما يلي:

"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (?) و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (?).

وقد استشكل الحفاظ المتأخرون ورود هذه الآية - التي قيل إنها نزلت بمناسبة قدوم وفد نجران إلى المدينة في العام التاسع (?) - في نص الخطاب الذي أرسل في آخر العام السادس الهجري (?)!! وقد ذكروا بعض الحلول التوفيقية للتخلص من هذا التعارض فقالوا إنه يجوز أن تكون الآية المذكورة قد أنزلت مرتين، ثم استبعدوا ذلك (?). وقال البعض: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ذلك قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015