وكان طول الحصار سبباً في إضعاف معنوية الأحزاب، خاصة إن أهدافهم لم تكن واحدة، فقريش تريد القضاء على المسلمين لتحرير طرق تجارتها وللانتصار لوثنيتها، والأعراب يريدون نصراً سريعاً لنهب المدينة، ويهود مترددة بحيث لم تدخل القتال رغم نقضها للعهد خوفاً من ترك الأحزاب للحصار وجعلها تقف وحدها وجهاً لوجه أمام المسلمين فهي تريد رهائن قبل اشتراكها في القتال.

وقد ساق ابن إسحق وموسى بن عقبة والواقدي أخباراً وحكايات حول دور نعيم بن مسعود الغطفاني، وأنه كان مسلماً جديداً لا تعرف قريش ويهود والأعراب بإسلامه، فقام بزرع الشك بين الأطراف المتحالفة بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغرى اليهود بطلب رهائن من قريش لئلا تدعهم وتنصرف عن الحصار، وقال لقريش بأن يهود إنما تطلب الرهائن لتسليمها للمسلمين ثمنا لعودتها إلى صلحهم، وهذه الروايات لا تثبت من الناحية الحديثية، ولكنها اشتهرت في كتب السيرة (?). وهي لا تتنافى مع قواعد السياسة الشرعية فالحرب خدعة (?).

وأياً كان فإن معنوية الأحزاب انهارت لطول الحصار من ناحية ولهبوب العواصف الشديدة الباردة فقد نصر الله المسلمين بريح الصبا (?). فاقتلعت خيامهم وكفأت قدورهم وأطفأت نيرانهم ودفنت رجالهم، فنادى فيهم أبو سفيان بالرحيل (?). وما نالهم من الغزوة سوى التعب وخسارة النفقات. وقد ثبت ذلك بنص القرآن الكريم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015