{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} (?).
والآيات تشير إلى حالة النفاق وما تولده من القلق في النفوس والجبن في القلوب وانعدام الثقة بالله عند تعاظم الخطوب والجرأة على الله تعالى بدل اللجوء إليه عند الامتحان، ولا يقف الأمر عند الاعتقاد بل يتبعه العمل المخذل المرجف، فهم يستأذنون الرسول صلى الله عليه وسلم للانصراف عن ميدان العمل والقتال بحجج واهية زاعمين أن بيوتهم مكشوفة للأعداء، وإنما يقصدون الفرار من الموت لضعف معتقدهم وللخوف المسيطر عليهم، بل ويحثون الآخرين على ترك مواقعهم والرجوع إلى بيوتهم، ولم يراعوا عقد الإيمان وعهود الإسلام.
ورغم كل تخذيل المنافقين وإرجافهم وظروف المجاعة وشدة البرد، فقد مضى المسلمون في تنفيذ مهامهم وإكمال خطة الدفاع عن المدينة، فلما أنجز الخندق، وضع الرسول صلى الله عليه وسلم النساء والأطفال في حصن فارع (?) وهو أقوى حصون المسلمين وهو لبني حارثة (?).
وقد رتب النبي صلى الله عليه وسلم جيشه، فأسند ظهرهم إلى جبل سلع داخل المدينة (?)، ووجوهم إلى الخندق الذي يفصل بينهم وبين المشركين الذين نزلوا رومة بني الجرف والغابة ونقمى (?).