وقد استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر فيما يصنع بالأسرى؟ فأشار أبو بكر بأخذ الفدية منهم وعلل ذلك بقوله "فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام" وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم "فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها". ومال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر بقبول الفدية، فنزلت الآية الكريمة في موافقة رأي عمر، رضي الله عنه: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (?) إلى قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} (?).
وبذلك أحل لهم ما أخذوه من الفداء بعد أن عاتبتهم الآية في تفصيل الفداء على عقوبة أئمة الكفر. وهذا الحكم كان في أول الإسلام ثم جعل الخيار للإمام بين القتل أو المفاداة أو المن عليهم دون فداء ما عدا الأطفال والنساء إذ لا يجوز قتلهم (?).
وقد تباين فداء الأسرى، فمن كان ذا مال فقد أخذ فداؤه أربعة آلاف درهم (?). وقد فدت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها أبا العاص بن الربيع بقلادة، فأطلق الصحابة أسيرها وردوا عليها قلادتها إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم (?). ومن لم يكن لهم فداء من الأسرى، جعل فداؤهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة (?). ولم يكن هم المسلمين أخذ المال من هؤلاء قدر إضعافهم معنويا، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو كان مطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى