بحضارتنا ومبادئنا وقيمنا وفق فهمنا لها، وإن أسهم الآخرون في الكتابة معنا فإنها مشاركة محدودة وليست في الأصل في تصورنا لتاريخنا ولا في عرضنا له أمام أنظار العالم.

إن ما حدث هو عكس ما ينبغي، حيث إن التخلف الحضاري للعالم الإسلامي ينعكس على تقويمه لتاريخه. إن البعض من المعنيين بالتاريخ ما بين ناكصين عن الإسلام كارهين لتاريخه معتقدين أنه سبب التأخر الحضاري في ديار الإسلام وهم يحملونه حتى مسئولية الهزائم العسكرية أمام يهود، وهؤلاء يؤمنون بضرورة إحداث فجوة بين الماضي والحاضر وعزل الأجيال الإسلامية الجديدة عن الإسلام. وتراثه الأدبي، أو كسالى احترفوا الكتابة التاريخية فهم يسودون الصحف البيضاء بما يترجمونه من كتب المستشرقين التي يجدون فيها مادة للتدريس والكتابة لا تكلفهم عناء البحث والتدقيق والتأليف، ولا يبالون بعد ذلك بالسموم التي ينفثونها في المجتمع الإسلامي.

إن مما ساعد على ذلك تخلف الحركة الفكرية في العالم الإسلامي وعدم مواكبتها للحركة الفكرية العالمية، وذلك مرتبط بما حدث من تباين حضاري بين الشرق والغرب منذ عهد النهضة في أوروبا، فقلما تجد دراسة تاريخية جادة كتبت من قبل المسلمين في القرن التاسع عشر والعقود الأولى من القرن العشرين، فلا غرابة إذا ما كانت معظم الدراسات التاريخية التي قام بها المسلمون في تلك الفترة صدى وانعكاساً لآراء وأفكار المستشرقين.

أما المؤمنون بالإسلام، العاملون على توثيق صلة الأجيال الجديدة به فهم يحملون عبئاً ضخماً ومسئولية كبيرة في هذا الميدان لأنهم وحدهم القادرون على التصور الصحيح للتاريخ الإسلامي والمجتمع الإسلامي، ويتذوقون طعم الإيمان ويحسون بأثره على سلوكهم مما يمكنهم من فهم دوافع حركة الفرد المسلم والمجتمع المسلم وبالتالي حركة التاريخ الإسلامي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015