إلا أن هذه الرواية شاهد قوي على ما يبلغه الإيمان من نفس أعرابي ألف حياة الغزو والسلب والنهب في الجاهلية فإذا به لا يقبل ثمناً لجهاده إلا الجنة فكيف يبلغ الإيمان إذاً من نفوس الصفوة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيقال إنهم فتحوا ديار يهود طمعاً في أرض ومال؟ أيتهمون بأن التعصب الديني دفعهم لطرد يهود وهم الذين دعوهم للإسلام قبل القتال وقبلوا أن يعطوهم الأمان بعد الحصار وأبقوهم في خيبر بعد الاستسلام فمكثوا فيها رغم قتلهم عبد الله بن سهل الأنصاري حيث اتهمه بقتله المسلمون، فحلفوا أنهم لم يقتلوه، فوداه الرسول صلى الله عليه وسلم وفي قضية مقتله شرعت القسامة - وأقرهم بخيبر فاستقروا. حتى خلافة عمر رضي الله عنه فبدت منهم العداوة والبغضاء وغدروا بالمسلمين. ففدعوا (?) يدي ورجلي عبد الله بن عمر وهو نائم في سهمه من خيبر. فأجلاهم عمر رضي الله عنه من خيبر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من التمر مالاً وإبلاً وعروضاً من أقتاب وحبال. وأخذ المسلمون ضياعهم من مغانم خيبر فتصرفوا فيها.
وهكذا انتهى دور اليهود العسكري والاقتصادي في الحجاز وتفرغ المسلمون لإخضاع قبائل العرب المشركة ولتوحيد جزيرة العرب تحت راية الإسلام.