وهذا القياس الفاسد من قريش، من تشبيه الأنبياء المكرمين بالأصنام المعبودة غير العاقلة اقتضى الرد عليه فقال الله تعالى مبينًا عبودية عيسى لله: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} وإنه لم يدعُ إلى عبادة نفسه بل دعا إلى عبادة الله وحده: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} وسمَّى القرآن احتجاج قريش بالجدل {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا}. وهو المِراء الباطل حيث كانوا عربًا فصحاء لا يخفى عليهم أن الآية {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (?) هي خطاب لقريش، وهم يعبدون أصنامًا لا تعقل، وليست خطابًا للنصارى، فلا يرد اعتراضهم على الآية أصلًا -وهي لما لا يعقل- بدعوى اشتمالها للمسيح (عليه السلام).

ومن المجادلات التي أثارها المشركون سؤالهم عن الروح قالت قريش لليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح. فنزلت {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (?) قالوا: نحن لم نؤتَ من العلم إلا قليلًا، وقد أوتينا التوراة ومن أوتيَ التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا!! فنزلت {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (?).

وسورة الإسراء كلها مكية (?)، ويحتمل إعادة نزولها عندما أثار اليهود الجدل حول الروح مرة أخرى في المدينة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015