ولا شك أن المسلمين -على ضعفهم- كانوا يرغبون في الدفاع عن أنفسهم ويبدو أن الموقف السلمي أغاظ بعضهم وخاصة الشباب منهم. وقد أتى عبد الرحمن بن عوف وأصحابه إلى النبي بمكة فقالوا: يا نبي الله، كنا في عزة ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة! قال: إني أُمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم - فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا، فأنزل الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} (?) (?).
وتجمل عبارات لعائشة -رضي الله عنها- ولعبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- الحال التي كان عليها المسلمون بمكة في تلك المرحلة .. قالت عائشة -وقد سئلت عن الهجرة-: "لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبُدُ ربَّه حيث شاء" (?).
وقال عبد الله بن عمر: " ... كان الإسلام قليلًا، فكان الرجل يفتن في دينه، إما قتلوه، وإما يعذبوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة!! " (?).
وقد بقيت المأساة التي يعيشها المستضعفون حاضرة في نفس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان يدعو لمن بقي منهم بمكة بالنجاة من المشركين وذلك بعد هجرته إلى المدينة (?).