وَأما الَّذِي يَنْبَغِي للمرء أَن يَسْتَعْمِلهُ مَعَ من دونه من النَّاس فَإنَّا نصف مِنْهُم مَا تيَسّر ونقول
إِن مِنْهُم الضُّعَفَاء وهم صنفان
أ - المحاويج ذَوُو الْفَاقَة وصنوفهم
أَحدهمَا المحاويج ذَوُو الْفَاقَة وهم صنوف مِنْهُم الملحفون فَيَنْبَغِي أَن لَا يعطيهم وَلَا يبْذل لَهُم على إلحاحهم شَيْئا لينزجروا عَن ذَلِك إِلَّا إِذا علم أَنهم صادقو الْحَاجة إِلَى الشَّيْء الضَّرُورِيّ
وَمِنْهُم الْكَاذِبُونَ فِيمَا يَدعُونَهُ من الْفَاقَة فَيَنْبَغِي أَن يُمَيّز بَينهم فَإِن كَانَ تعمدهم للكذب لضرب من التَّدْبِير فلتكن مُعَامَلَته مَعَهم فِي المؤاساة وسطا من غير منع وَلَا بذل تَامّ
وَمِنْهُم الضُّعَفَاء الصادقون فِيمَا يبدونه من الْحَاجة فَيَنْبَغِي أَن يتعهدهم المؤاساة بغاية مَا أمكنه من غير أَن يخل بأحوال نَفسه
والصنف الآخر هم المتعلمون وذوو الْحَاجة إِلَى الْعلم فَمنهمْ أولو الطبائع الردئية يقصدون تعلم الْعُلُوم ليستعملوها فِي الشرور فَيَنْبَغِي للمرء أَن يحملهم