أما أساس الموارد الإسلامية فالذي يؤخذ مما ورد في شأنها أن هذه الموارد واجبات ألزم بها الأفراد في مقابل تمتعهم بالحقوق.
فالزكاة وسائر أنواع الصدقات أوجبت على ذوي الأموال في مقابل تمتعهم بحقين: أحدهما أمانهم على أنفسهم وأموالهم من أضغان المعوزين وأطماعهم، لأن المحاويج إذا لم يكن لهم من مال ذوي المال نصيب كان خطرًا عليهم وعلى أموالهم. وثانيها تمتعهم باستغلال مرافق الدولة في سبيل تزكية هذه الأموال وتنميتها والمحافظة عليها. وإلى هذه الإشارة بقول الله سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} 1، وقوله عز شأنه في وصف المتقين: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} 2، وقوله في زكاة الزروع: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِه} 3.
والجزية أوجبت على غير المسلمين كما أوجبت الزكاة على المسلمين في مقابل تمتعهم بحقوقهم، وأمانهم على أنفسهم وأموالهم لأن أهل الكتاب ينتفعون بمرافق الدولة العامة كما ينتفع المسلمون وهم لا تجب عليهم الزكاة وأنواع الصدقات الواجبة على المسلمين لأنهم غير مخاطبين بفروع الشريعة فأوجبت عليهم الجزية بدلا من الزكاة التي أوجبت على المسلمين، ولهذا إذا أسلم واحد منهم سقطت عنه الجزية وأوجبت عليه أداء الزكاة في ماله إن كان ذا مال فهي كسائر الموارد الإسلامية واجب في نظير حقوق، يدل على ذلك أن أبا عبيدة بعدما صالح أهل الشام وجبى منهم الجزية والخراج ثم بلغه أن الروم قد جمعوا له واشتد الأمر عليه