يأباها الدين ثم يلتزمها الخلفاء الراشدون وقواد المسلمين بمحضر من كبار الصحابة وأولي العلم بالدين، فلولا أنهم مؤمنون بسماحة الإسلام وتقبله لهذ المعاملات ما أقروا تلك الشروط. ولولا أن هذه السماحة من طبيعة الإسلام ما كانت لتتفق وروح العهود التي تلتزم لغير المسلمين من مختلف القواد في مختلف البلدان.
وهذا عهد خالد بن الوليد لأهل الحيرة في عهد أبي بكر الصديق وعهد أبي عبيدة بن الجراح لأهل الشام في عهد عمر بن الخطاب قد كان لهما أثرهما في أنحاء الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الرومانية لما تضمنه كل منهما من الوفاء وحسن المعاملة حتى وجد غير المسلمين من المسلمين ما لم يروه ممن كانوا يدينون بدينهم.
روى الإمام أبو يوسف في كتاب الخراج أن خالد بن الوليد صالح أهل الحيرة على أن لا يهدم لهم بيعة ولا كنيسة ولا قصرًا من قصورهم التي كانوا يتحصنون فيها إذا نزل بهم عدو لهم ولا يمنعون من ضرب النواقيس ولا من إخراج الصلبان في يوم عيدهم وعلى أن لا يشتملوا على نغبة وعلى أن يضيفوا من مر بهم من المسلمين مما يحل لهم من طعامهم وشرابهم وكتب بينهم هذا الكتاب.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل الحيرة:
إن خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق رضي الله عنه أمرني أن أسير بعد منصرفي من أهل اليمامة إلى أهل العراق من العرب والعجم