سواء أكانت الحرب أساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم أم كانت تدبيرًا استثنائيًّا لا يلجأ إليه إلا لضرورة دفع العدوان وقطع الفتنة، فإن الأحكام التي أوجب الإسلام مراعاتها لتخفيف ويلات القتال من خير ما عرف من قوانين الرحمة بالإنسان. وهذه الأحكام وإن كانت تتفق مع أحكام القانون الدولي في كثير من المواضع إلا أنها تخالفها من جهة أنها أحكام دينية شرعها الدين ويقوم بتنفيذها إيمان المسلمين وقوة يقينهم مثل سائر الأحكام الدينية. وأما أحكام القانون الدولي فإنها ليس لها قوة تنفيذية تكفل إمضاءها حتى إن بعض الباحثين يرى في تسمية الأحكام الدولية قانونًا ضربًا من التسامح لأن القانون لا يكسب هذا الوصف إلا إذا كان من ورائه قوة لحمايته وتنفيذ أحكامه ولا توجد قوة ما لإخضاع الدول لأحكام القانون الدولي فالأحكام الإسلامية الحربية مع أنها ترمي إلى العدل والرحمة لها من إيمان المسلم قوة تنفيذية تكفل إمضاءها.
والأصل في هذا الباب ما رواه الجماعة إلا البخاري من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى وبمن معه من المسلمين خيرًا ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر