اتفقت كلمة علماء المسلمين على أن الدولة الإسلامية إنما تعتمد في تكونها على الوحدة الدينية وأن جميع من جمعتهم هذه الوحدة هم أمة واحدة وإن اختلفوا في اللغة أو الجنس أو الحكومات أو الملوك أو سائر المميزات القومية، لأن وحدة الدين غلبت كل هذه الفروق.
واختلفوا في أساس العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها، فقال فريق منهم: إن الإسلام يأمر بدعوة مخالفيه إلى أن يدينوا به وهذه الدعوة دعوتان دعوة باللسان ودعوة بالبنان. فمن دعوا باللسان وبلغوا هذا الدين على وجه صحيح يتبين به الحق ولم يجيبوا الدعوة وجب على المسلمين دعوتهم بالسيف وقتالهم. وإن كانوا من مشركي العرب لا يحل الكف عن قتالهم حتى يسلموا. وإن كانوا من أهل الكتاب أو من مشركي غير العرب لا يحل الكف عن قتالهم حتى يسلموا. وإن كانوا من أهل الكتاب أو من مشركي غير العرب لا يحل الكف عن قتالهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وقبل الوصول إلى هذه الغاية لا تجوز مسالمتهم ولا يحل الكف عن قتالهم إلا للضرورة بأن كان بالمسلمين ضعف وبمخالفيهم قوة فحينئذ تجوز المسالمة المؤقتة للضرورة ويجب أن تقدر هذه الضرورة بقدرها.
واحتج هؤلاء على رأيهم بعدة براهين:
الأول: أن الله سبحانه أمر المسلمين في كتابه الكريم بأن يقاتلوا غير المسلمين حتى يسلموا أو يعطوا الجزية أمرًا مطلقًا غير مقيد بأن