يظهر عليها المسلمون ويقرون أهلها عليها. والسياسة التي وضعت لضرب الخراج سياسة عادلة قد نص الفقهاء على أن الأرض تختلف من وجوه ثلاثة لكل منها أثر في زيادة الخراج ونقصانه.
أحدها: ما يختص بالأرض من جودة يزكو بها زرعها أو رداءة يقل بها ريعها.
والثاني: ما تختص بالزرع مما يكثر ثمنه وما يقل.
والثالث: ما يختص بالسقي لأن ما احتمل المئونة في سقيه بالآلات لا يسوى بما سقي بالسيوح والأمطار.
وقالوا: لا بد لواضع الخراج من اعتبار هذه الأوجه الثلاثة واعتبار كل ما تتفاوت به الأرضون ليعلم قدر ما تحتمله الأرض من خراجها فيقصد العدل فيها من غير زيادة تجحف بأهل الخراج ولا نقصان يضر بالمصارف وكما أوجبوا أن يراعى في كل أرض ما تحتمله، أوجبوا أن لا يستقصى غاية المحتمل، وأن يترك لأرباب الأرض ما يجبرون به النوائب والجوانح. وقد قرر علماء أصول الفقه ان العشر مئونة فيها معنى العبادة، والخراج مئونة فيها معنى العقوبة.
أما كون كل منهما مئونة الأرض فوجهه واضح لأن مئونة الشيء ما به بقاؤه وقوامه وبقاء الأرض بأيدي أهليها وصلاحها واستثمارها إنما هو بما يؤدي عنها مما يستعان به على دفع العدوان عليها وتمهيد ريها وطرق استثمارها من العشر أو الخراج. وأما كون العشر فيه معنى العبادة فكذلك وجهه واضح لأنه من أنواع الزكاة وفي أدائه امتثال لما نص عليه