وَالْقُوَّةُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ بِحَسَبِهَا؛ فَالْقُوَّةُ فِي إمَارَةِ الْحَرْبِ تَرْجِعُ إلَى شَجَاعَةِ الْقَلْبِ، وَإِلَى الخبرة بالحروب، والخادعة فِيهَا، فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ، وَإِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْوَاعِ الْقِتَالِ: مِنْ رَمْيٍ وَطَعْنٍ وَضَرْبٍ وَرُكُوبٍ، وكر، وفر، ونحو ذلك؛ كما قال الله تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] (سورة الأنفال: من الآية 60) . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا، وَمَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ نَسِيَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَهِيَ نِعْمَةٌ جَحَدَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ تَرْجِعُ إلى العلم بالعدل الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَإِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ. وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ، وَأَلَّا يَشْتَرِيَ بِآيَاتِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَتَرْكِ خشية الناس؛ وهذه الخصال الثلاث التي أخذها الله على كل من حَكَمٍ عَلَى النَّاسِ، فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] (سورة المائدة: من الآية 44) . وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ. فَرَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ وَقَضَى بِخِلَافِهِ، فَهُوَ في النار. لرجل قَضَى بَيْنَ النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. وَالْقَاضِي اسْمٌ كل مَنْ قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ كان