يُرْضِي الْمَحْدُودَ، إذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ غَرَضُهُ الْعُلُوَّ عَلَيْهِمْ، وَإِقَامَةَ رِيَاسَتِهِ لِيُعَظِّمُوهُ، أَوْ لِيَبْذُلُوا لَهُ مَا يُرِيدُ مِنْ الْأَمْوَالِ، انْعَكَسَ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ. وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْخِلَافَةَ كَانَ نَائِبًا لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَدْ سَاسَهُمْ سِيَاسَةً صَالِحَةً، فَقَدِمَ الْحَجَّاجُ مِنْ الْعِرَاقِ، وَقَدْ سَامَهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ عَنْ عُمَرَ. كَيْفَ هَيْبَتُهُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَنْظُرَ إلَيْهِ. قَالَ: كَيْفَ مَحَبَّتُكُمْ لَهُ؟ قَالُوا: هُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ أَهْلِنَا قَالَ: فَكَيْفَ أَدَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْأَسْوَاطِ إلَى الْعَشَرَةِ. قَالَ: هَذِهِ هَيْبَتُهُ، وَهَذِهِ مَحَبَّتُهُ، وَهَذَا أَدَبُهُ، هَذَا أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ. وَإِذَا قُطِعَتْ يده حسمت، ويستحب أَنْ تُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ. فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا: قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. فَإِنْ سَرَقَ ثَالِثًا، وَرَابِعًا: ففيه قَوْلَانِ لِلصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَحَدُهُمَا: تُقْطَعُ أَرْبَعَتُهُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُحْبَسُ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَالْكُوفِيِّينَ، وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَتِهِ الْأُخْرَى. وَإِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا سَرَقَ نِصَابًا، وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ، كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. فَمَنْ سَرَقَ ذَلِكَ قُطِعَ بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عن ابن عمر -رضي الله عَنْهُمَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» وفي لفظ مسلم «قطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015