فصل وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِمْ. فَأَمَّا إذَا طَلَبَهُمْ السُّلْطَانُ أَوْ نُوَّابُهُ، لِإِقَامَةِ الْحَدِّ بِلَا عُدْوَانٍ فَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ. وَمَتَى لَمْ يَنْقَادُوا إلَّا بِقِتَالٍ يُفْضِي إلَى قَتْلِهِمْ كُلِّهِمْ قُوتِلُوا، وَإِنْ أَفْضَى إلَى ذَلِكَ؛ سَوَاءٌ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا أَوْ لَمْ يَقْتُلُوا. وَيُقْتَلُونَ فِي الْقِتَالِ كَيْفَمَا أَمْكَنَ: فِي الْعُنُقِ وغيره. ويقاتل من قاتل معهم بن يَحْمِيهِمْ وَيُعِينُهُمْ. فَهَذَا قِتَالٌ، وَذَاكَ إقَامَةُ حَدٍّ. وَقِتَالُ هَؤُلَاءِ أَوْكَدُ مِنْ قَتْلِ الطَّوَائِفِ الْمُمْتَنِعَةِ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ. فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَحَزَّبُوا لِفَسَادِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، وَهَلَاكِ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ؛ لَيْسَ مقصودهم إقامة دِينٍ وَلَا مُلْكٍ. وَهَؤُلَاءِ كَالْمُحَارِبِينَ الَّذِينَ يَأْوُونَ إلَى حِصْنٍ، أَوْ مَغَارَةٍ أَوْ رَأْسِ جَبَلٍ، أَوْ بَطْنِ وَادٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِمْ، وَإِذَا جَاءَهُمْ جُنْدُ ولي الأمر يطلبهم لِلدُّخُولِ فِي طَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ والجماعةَ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ: قَاتَلُوهُمْ وَدَفَعُوهُمْ؛ مِثْلَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى الْحَاجِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الطُّرُقَاتِ، أَوْ الجبلية الَّذِينَ يَعْتَصِمُونَ بِرُءُوسِ الْجِبَالِ أَوْ الْمَغَارَاتِ؛ لِقَطْعِ الطريق. وكالأحلاف الَّذِينَ تَحَالَفُوا لِقَطْعِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ " النَّهِيضَةَ " (?) فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ كَمَا ذَكَرْنَا: لَكِنَّ قِتَالَهُمْ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ قِتَالِ الْكُفَّارِ، إذَا لَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا، وَلَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَخَذُوا أَمْوَالَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ ضَمَانَهَا، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا أخذوا، وإن لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015