حَابِسٍ، كُلَّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنْ الإِبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس بْنُ مِرْدَاسٍ:
أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيدِ ... بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ ... يفوقان مرداس فِي الْمَجْمَعِ
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا ... وَمَنْ يُخْفَضْ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعُ
قَالَ: فَأَتَمَّ له رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً.» رواه مسلم و " العبيد " اسْمُ فَرَسٍ لَهُ. وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ نَوْعَانِ: كَافِرٌ ومسلم؛ فالكافر: إما أن يرجى بعطيته منفعة: كإسلامه؛ أر دَفْعُ مَضَرَّتِهِ، إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِذَلِكَ. وَالْمُسْلِمُ الْمُطَاعُ يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ الْمَنْفَعَةُ أَيْضًا، كَحُسْنِ إسْلَامِهِ. أَوْ إسْلَامِ نَظِيرِهِ، أَوْ جِبَايَةِ الْمَالِ ممن لا يعطيه إلا لخوف، أو النكايةَ فِي الْعَدُوِّ، أَوْ كَفِّ ضَرَرِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، إذَا لَمْ يَنْكَفَّ إلَّا بِذَلِكَ. وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْعَطَاءِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ إعْطَاءَ الرُّؤَسَاءِ وَتَرْكَ الضُّعَفَاءِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُلُوكُ؛ فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ؛ فَإِذَا كَانَ الْقَصْدُ بِذَلِكَ مَصْلَحَةَ الدِّينِ وَأَهْلِهِ، كان من جنى عطاء النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، وإن كان المقصود العلو في الأرض والفساد، كَانَ مِنْ جِنْسِ عَطَاءِ فِرْعَوْنَ؛ وَإِنَّمَا يُنْكِرُهُ ذَوُو الدِّينِ الْفَاسِدِ كَذِي الْخُوَيْصِرَةِ الَّذِي أَنْكَرَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قال فيه ما قال، وكذلك حِزْبُهُ الْخَوَارِجُ أَنْكَرُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَا قَصَدَ بِهِ الْمَصْلَحَةَ مِنْ التَّحْكِيمِ، وَمَحْوِ اسْمِهِ، وَمَا تَرَكَهُ مِنْ سَبْيِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ. وَهَؤُلَاءِ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ، لِأَنَّ مَعَهُمْ دِينًا فَاسِدًا لَا يَصْلُحُ بِهِ دُنْيَا وَلَا