حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. نَعَمْ إذَا كَانَتْ الْأَمْوَالُ قَدْ أُخِذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَى أَصْحَابِهَا، كَكَثِيرٍ مِنْ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ؛ فَالْإِعَانَةُ عَلَى صَرْفِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَسَدَادِ الثُّغُورِ، وَنَفَقَةِ الْمُقَاتِلَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ إذْ الْوَاجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ -إذَا لَمْ يُمْكِنْ معرفة أصحابها وردها عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِمْ -أَنْ يَصْرِفَهَا- مَعَ التَّوْبَةِ إنْ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ- إلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. هَذَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّتْ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ، كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وإن كان غيره قد أخذها، فَعَلَيْهِ هُوَ أَنْ يَفْعَلَ بِهَا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ السُّلْطَانُ مِنْ رَدِّهَا: كَانَتْ الْإِعَانَةُ عَلَى إنْفَاقِهَا فِي مَصَالِحِ أَصْحَابِهَا أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا بِيَدِ مَنْ يُضَيِّعُهَا عَلَى أَصْحَابِهَا، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَإِنَّ مَدَارَ الشَّرِيعَةِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:! {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] (سورة التغابن: من الآية 16) المفسر لِقَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] (سورة آل عمران: من الآية 102) ؛ وَعَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَعَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَحْصِيلُ المصالح وتكميلها؛ وتعطيل الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، فَإِذَا تَعَارَضَتْ كَانَ تَحْصِيلُ أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ بِتَفْوِيتِ أَدْنَاهُمَا وَدَفْعُ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ مَعَ احتمال أدناهما: هُوَ الْمَشْرُوعَ. وَالْمُعِينُ عَلَى الإِثم وَالْعُدْوَانِ مَنْ أَعَانَ الظَّالِمَ عَلَى ظُلْمِهِ، أَمَّا مَنْ أَعَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015