فصل أما أداء الأمانات ففيه نوعان: أحدهما الولايات: وهو كان سبب نزول الآية. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَتَسَلَّمَ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ مِنْ بَنِي شَيْبَةَ، طَلَبَهَا مِنْهُ الْعَبَّاسُ، لِيَجْمَعَ لَهُ بَيْنَ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، وَسَدَانَةِ الْبَيْتِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآية، فدفع مَفَاتِيحِ الْكَعْبَةِ إلَى بَنِي شَيْبَةَ. فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى كُلِّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ، أَصْلَحَ مَنْ يَجِدُهُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَوَلَّى رَجُلًا وَهُوَ يَجِدُ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «من ولى رجلاً عَلَى عِصَابَةٍ، وَهُوَ يَجِدُ فِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وَخَانَ الْمُؤْمِنِينَ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ: لِابْنِ عُمَرَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَوَلَّى رَجُلًا لِمَوَدَّةٍ أَوْ قَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ ". وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ. فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْوِلَايَاتِ مِنْ نُوَّابِهِ عَلَى الْأَمْصَارِ؛ مِنْ الْأُمَرَاءِ الذين هم نواب ذي السلطان، والقضاة، ونحوهم، ومن أمراء الأجناد ومقدمي العساكر الصغار وَالْكِبَارِ، وَوُلَاةِ الْأَمْوَالِ: مِنْ الْوُزَرَاءِ، وَالْكُتَّابِ، وَالشَّادِّينَ، وَالسُّعَاةِ عَلَى الْخَرَاجِ وَالصَّدَقَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي لِلْمُسْلِمِينَ. وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، أَنْ يَسْتَنِيبَ وَيَسْتَعْمِلَ أَصْلَحَ مَنْ