ومن ذلك ما قد تنازع فِيهِ الْمُسْلِمُونَ لِخَفَائِهِ وَاشْتِبَاهِهِ. فَقَدْ يَرَى هَذَا الْعَقْدَ وَالْقَبْضَ صَحِيحًا عَدْلًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَرَى فِيهِ جَوْرًا يُوجِبُ فَسَادَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] (سورة النساء: من الآية 59) . وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ عَلَى النَّاسِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا إلَّا مَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، كَمَا لَا يُشَرَّعُ لَهُمْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَى اللَّهِ، إلَّا مَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى شَرْعِهِ؛ إذْ الدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ؛ بِخِلَافِ الَّذِينَ ذمهم الله، حيث حرموا من دين الله ما لم يحرمه الله، وأشركوا به مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَشَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لَأَنْ نَجْعَلَ الْحَلَالَ مَا حَلَّلَتْهُ، والحرام ما حرمته، والدين ما شرعته.