شروط الحكم:
لكي يكون الحكم صحيحًا ومعتبرًا للتنفيذ اشترط الفقهاء لذلك شروطًا نذكر منها ما يلي:
أولًا: أن تتقدمه دعوى صحيحة، ويشترط هذا لصحة الحكم في حقوق العباد، إذا الحكم في حقوق العباد لا يجوز إلا بمطالبة ممن يدعي الحق، وهذا بخلاف الحكم في حقوق الله تعالى، فلا يتوقف على هذا الشرط، وذلك لصحة الحكم فيها من غير مطالبة؛ لأن تحصيلها واجب على الكل من حاكم وغيره.
ثانيًا: يشترط أن يكون الحكم بلفظ يفيد الإلزام، كأن يقول: حكمت أو قضيت أو أنفذت عليك القضاء، وهكذا.
وقد اختلف الفقهاء في بعض الصيغ: هل تفيد الإلزام أم لا؟ كقول القاضي: ثبت عندي أن لهذا على هذا كذا، أو قوله: ظهر عندي أو صح عندي أو علمت ونحو ذلك، فذهب بعض الأحناف والمالكية والشافعية إلى: أن هذه الصيغ لا تدل على الإلزام، فلا تكون حكمًا، ولذا قال بعض علماء الأحناف: لا بد أن يقول القاضي في حكمه: حكمت أو قضيت أو أنفذت عليك القضاء.
وذهب بعض الأحناف إلى أن الصيغ المتقدمة المختلف فيها تفيد الحكم كالصيغ المتفق عليها، ولكن الأولى: أن يبين أن الثبوت بالبينة أو الإقرار؛ لأن حكم القاضي بالبينة يخالف الحكم بالإقرار، والذي يظهر أن الأولى ما ذهب إليه الجمهور لوجاهته، أي: أنه لا بد من صيغ معينة، كقوله: قضيت أو حكمت، وذلك لوجاهة هذا الرأي، ووجاهة تعليلهم لذلك، ولأن الصيغ المختلف فيها لا تدل على الإلزام بطريق يرفع الاحتمال والإيهام بعدم الانتهاء بالحكم، فكان الأولى التمييز بما يفيد القطع والإلزام، كقوله: حكمت أو قضيت ونحو ذلك.