لإبطال الدفع، فليس الإعذار مخصوصًا بالمدعى عليه.
ولا يخلو المعذور إليه من إحدى حالتين:
الحالة الأولى: أن ينفي وجود العذر فيما قام ضده من حجة أو شهادة، وفي هذه الحالة يحكم عليه القاضي بعد نفي العذر مباشرة.
الحالة الثانية: أن يدعي العذر فيما قام ضده، وفي هذه الحالة قد لا تكون بينة العذر قائمة، فله طلب التأجيل لإحضارها، فقد ورد في رسالة عمر إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- قوله: ومن ادعى غائبًا أو بينة فاضرب له أمدًا، أي: أجلًا ينتهي إليه، فإن بينه أعطيته بحقه، وإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك هو أبلغ في العذر.
وأما مدة التأجيل: فإنها تختلف باختلاف القضايا والأحوال والظروف؛ ولذلك ذهب العلماء إلى أن ضرب الأجل مصروف إلى اجتهاد الحاكم بحسب حسن النظر في أمر الخصمين وليس فيه حد محدود لا يتجاوزه، إنما هو للاجتهاد.
ونتكلم الآن عن الحكم في القضايا، فنقول:
إن النتيجة الأخيرة في عملية القضاء والمحاكمة بعد إجراء الدعوى على أصولها الشرعية هي إظهار الحكم الشرعي على حسب ما يتبين للقاضي، وهذا إذا لم تنتهِ بعارض كالصلح أو التنازل أو نحو ذلك، ولكي يحكم القاضي في القضية يقتضي الحال أن يحيط بأمور ثلاثة:
الأول: معرفته بالدليل الشرعي الثابت بالكتاب أو السنة أو المستنبط منهما.
الثاني: معرفته البينات التي يتضح بها طريق الحكم عند التنازع.