وجاء الشطر الثالث والأخير -من هذا التعديل- خاصًّا بالإجراءات التي تطلبتها مظاهر التوسع في حقوق المواطنة، ذلك أن نفرًا من الناس دخل في الإسلام، وما زال قلبه معلق بتراث العصبية، أو مشبع بالمفاهيم القبلية، وما ارتبط بها من التفاخر، والجري وراء زخرف الحياة الدنيا، وكان هذا اللون من النفاق، أو الكفر الباطن من أخطر الأمور على حقوق المواطنة في الدولة الجديدة، لماذا لصعوبة معرفة أصحابه؛ ولذلك قررت التعديلات الأخيرة على الصحيفة: إلقاء مهمة الكشف عن هذا الفريق المنافق، أو ما يسمى في العصر الحديث بالطابور الخامس، الذي يريد أن يفسد على الدولة نظامها، أقول: قررت التعديلات الأخيرة إلقاء مهمة الكشف عن هذا الفريق المنافق، أي: المتلاعب بحقوق المواطنة على أفراد الأمة أنفسهم.
فأفراد الأمة هم الذين يبحثون عن هذا الصنف من الناس -المنافقون الذين يظهرون خلاف ما يبطون- لأن أفراد الأمة أجدر بتعاملهم اليومي على تبين شتى مظاهر الانحراف وأهله، وهذا الشرط الخلقي لا يمكن أن تتولاه أجهزة الدولة، وإنما يمكن أن يقوم به أبناء الأمة، ولهم وحدهم حق عزل أي فريق يتلاعب بحقوق المواطنة، أو الإساءة إليها، يقول الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} (التوبة: 73، 74).